تفسيرات النظرية الكمية
تقوم النظرية الكمية بتقديم تصور غريب عن العالم الذري و دون الذري يصدمنا و يبعدنا عن كل ما الفناه في الواقع الحياتي و ما تقدمه الفيزياء الكلاسيكية من تصورات . لكنها بالرغم من كل ذلك تنجح إلى حد بعيد في تفسير حقائق العالم دون الذري و تعزز صحتها يوما بعد يوم بتقديم تنبؤات غريبة لكن كل التجارب العلمية تأتي فيما بعد لتؤكد هذه التنبؤات . كل هذا أدخل ميكانيكا الكم في عمق نقاشات فلسفية حول طبيعة ما تطرحه و مدى قربه من الحقيقة ، حتى أن ميكانيكا الكم طرحت نفس قضية الحقيقة كموضع سؤال ، ومن أهم هذه المناقشات و التجارب الفكرية : قطة شرودنغر و صديق فاغنر .
لقد قدمت عدة وجهات نظر لتفسير نتائج و استنتاجات النظرية الكمية : أول هذه النظريات يعرف بتفسير كوبنهاجن و يعود بشكل أساسي إلى بور و زملائه ، الذين يؤكدون أن الطبيعة الاحتمالية probabilistic لتنبؤات نظرية الكم لا يمكن تفسيرها بأي نظرية حتمية deterministic أخرى ، و هي صفة أصيلة في الطبيعة التي نعيش بها و ليست نتاجا لنقص في المعرفة و المعلومات نعاني منه . باختصار النظرية الكمومية ذات طبيعة احتمالية لأن الطبيعة ذات طبيعة احتمالية اساسا فما تفعله النظرية الكمومية هو تصوير الأمر كما هو .
على الطرف الآخر وقف اينشتاين أحد مؤسسي الكمومية ليعلن رفضه للاحتمية الكمومية التي تنشأعن احتمالية القياسات ، قائلا ( إن الإله لا يلعب النرد God doesn’t play dice ) . كانت هذه العبارة الشهيرة بمثابة رفض قاطع لفكرة ان تكون للطبيعة أصالة احتمالية ، مرجحا فكرة ان هناك نقص في المعلومات المتوفرة لدينا يؤدي إلى تلك الطبيعة الاحتمالية للنتائج وعليه فنظرية الكم ناقصة ينبغي اكمالها عن طريق تعويض النقص بالمعلومات و هو ما دعاه بالمتغيرات الخفية hidden variables فعن طريق هذه المتغيرات يمكن صياغة نظرية كاملة ذات طبيعة حتمية .
ظهرت بعد ذلك بعض التفسيرات التي تضاهي بغرابتها نتائج و نبؤات الكمومية مثل نظرية العوالم المتعددةلايفريت ، حيث تقول هذه النظرية بأن جميع الاحتمالات التي تطرحها نظرية الكم تحصل فعليا بنفس الوقت في عدد من العوالم المستقلة المتوازية . و بالتالي يكون الكون المتشعب حتميا في حين أن كل كون فرعي لن يكون الا احتماليا .
هناك ايضا تفسير لبوم يعود إلى ديفيد بوم و يفترض وجود دالة موجية عالمية غير محلية تسمح للجزيئات البعيدة بأن تتفاعل مع بعضها بشكل فوري . اعتمادا على هذا التفسير يحاول بوم أن يؤكد أن الواقع الفيزيائي ليس مجموعة من الجسيمات المنفصلة المتفاعلة مع بعضها كما يظهر لنا بل هو كل واحد غير منقسم ذو طبيعة حركية متغيرة دوما .